10 نوفمبر 2021
تحديث: تمت مشاركة الرسالة مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر 2021. في 31 مارس 2022، أرسل كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير و المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات و المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بالحق في الخصوصية رسالة إلى السلطات الليبية للتعبير عن قلقهم بشأن المواد الإشكالية في القانون. بالإضافة إلى ذلك، دعت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة السلطات الليبية إلى سحب القانون وإجراء مشاورات واسعة النطاق مع منظمات المجتمع المدني والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة في عملية إعادة صياغ قانون الجرائم الإلكترونية. السلطات الليبية لم ترد بعد على رسالة الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة.
-
صدّق مجلس النواب الليبي في جلسته العامة بتاريخ 26 أكتوبر 2021 على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويأتي هذا التصويت في لحظة استثنائية تعيشها ليبيا، حيث من المزمع إجراء انتخابات رئاسية يوم 24 ديسمبر وسيكون من الضروري ضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة بما في ذلك في الفضاء الإلكتروني حتى يتسنى لهذه الانتخابات أن تكون حرة ونزيهة وشفافة.
وقد تم التصويت على هذا القانون بسرعة، إذ تم اعتماد مشروع القانون المقترح بعد يوم واحد فقط من طرحه في أجندة المجلس ودون التشاور مع المجتمع المدني الليبي سواء من جمعيات أو منظمات أو نشطاء في المجال الرقمي أو المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وهو ما دفع المنظمات الموقعة أدناه إلى دراسة النسخة المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تم تسريبها من قبل بعض أعضاء المجلس والخبراء في المجال الرقمي.
مصطلحات فضفاضة مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان
ينصّ قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد على عدة مصطلحات فضفاضة وغير دقيقة تمنح للجهات القضائية في ليبيا سلطة تقديرية واسعة للحد من حرية التعبير على الإنترنت. حيث نصت المادة الرابعة على أن استخدام الإنترنت ووسائل التقنية الحديثة يُعد "مشروعاً" شريطة احترام "النظام العام والآداب العامة"، معتبراً بذلك أن كل استعمال فيه مخالفة لهذه المفاهيم الغير دقيقة غير مشروع. كما يعاقب القانون بحسب المادة (37) بالسجن لمدة قد تصل إلى خمسة عشر عاماً وغرامة مالية باهظة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ليبي "كل من بث اشاعة أو نشر معلومات أو بيانات تهدد الأمن أو السلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى". وُتحذّر المنظمات الموقعة من خطورة استخدام هذه المادة لاستهداف ومعاقبة الصحافيين والصحافيات، أو المبلّغين عن الفساد والمدافعين عن حقوق الإنسان أو غيرهم من مستخدمي الإنترنت، وتجريم نشر ومشاركة أي محتوى يوثّق انتهاكات حقوق الإنسان أو يُعارض السياسات العامة في ليبيا، أو أية معلومات ذات مصلحة عامة مشروعة. ومن الجدير بالذكر أن السلطات الليبية أو الميليشيات قد استخدمت عبارة "مخالف للنظام العام والآداب" كذريعة لاستهداف وسائل الإعلام والصحفيين والصحفيات والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وزجهم في السجون وتعذيبهم وقتلهم.
كما تكمن خطورة هذا التشريع وصبغته القمعية في مادته (35) التي تقضي بحبس "كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو بالشروع فيها" رغم المعنى العام والفضفاض لعديد من المصطلحات والنصوص المستعملة فيه.
وتُعد جميع هذه المواد الفضفاضة والمطّاطية مخالفة لمعايير حقوق الإنسان الدولية والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إذ نصّت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في التعليق العام رقم 34 على أن "تصاغ القاعدة التي ستعتبر بمثابة " قانون" بدقة كافية لكي يتسنى للفرد ضبط سلوكه وفقاً له". كما أن أي تقييد لحق الرأي والتعبير لأسباب تتعلق إما باحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو بحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة يجب أن يكون محدد بنص القانون وأن يخضع لشروط محدودة واختبارات صارمة لاستيفاء شرطيّ الضرورة والتناسب. و هذا أيضاً يتماشى مع القوانين المحلية الليبية، حيث ينصّ الإعلان الدستوري الليبي لسنة 2011 في مادته الرابعة عشر على التزام الدولة أن تضمن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر.
إجراءات تهدد حرية التعبير والنشر والصحافة
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التشريع الجديد يحتوي في المادتين (13) و(47) المتعلقتين تباعا بـ"الاعتراض والتعرض" و"التنصت غير المشروع" على إجراءات قد تكون مطية لتبرير حجب المعلومة عن الصحافيين أو تواصلهم مع المبلغين قصد مشاركة معلومات ذات أهمية للجمهور وفي علاقة بالسلطات، ما يتنافى مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الثانية التي تنص أنّ "لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". كما يتنافى مع ما ورد بالتعليق العام رقم 34 للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذي ينص في فقرته الثالثة انّ "حرية التعبير شرط ضروري لإرساء مبادئ الشفافية والمساءلة التي تمثـل بـدورها عاملاً أساسياً لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها" وفي فقرته الـ30 "يتنافى مع الفقرة 3 الاحتجاج بهذه القوانين (أي قوانين الخيانة والأحكام المماثلة المتعلقة بالأمن القومي) للقمع، أو لحجب معلومات عن الجمهور تكون ذات مصلحة عامة مشروعة ولا تضر بالأمن القومي، أو لمقاضاة الصحفيين أو الباحثين أو الناشطين في مجال البيئة، أو المدافعين عن حقوق الإنسان، أو آخرين لأسباب تتعلق بنشرهم تلك المعلومات".
وتجرم المادة (21) ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من "مزج أو ركب بغير تصريح مكتوب أو إلكتروني من صاحب الشأن صوتاً أو صورة لأحد الأشخاص بإستخدام شبكة المعلومات الدولية أو بأي وسيلة إلكترونية أخرى بقصد الاضرار بالآخرين." ومن المثير للقلق أن هذه المادة لا تقدم استثناءات فيما يتعلق بالشخصيات العامة أو السياسية، وبالتالي قد تقيد حرية التعبير في ليبيا بشكل غير ملائم. وهنا نود الإشارة إلى ما أكدته لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 بأن "جميع الشخصيات العامة، بمن فيها التي تمـارس أعلـى السلطات السياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، تخضع بـشكل مـشروع للنقد"، وإن "مجرد اعتبار أن أشكال التعبير مهينة للشخصية العامة لا يكفي لتبرير فرض عقوبات."
إباحة الرقابة الشاملة وحجب المواقع والمحتوى
كما يبيح القانون للسلطات الليبية في مادته السابعة حق الرقابة الشاملة على كل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي و"أي نظام تقني آخر" بالإضافة إلى تمكين الهيئة الوطنية لسلامة وأمن المعلومات، وهي هيئة إدارية تقنية تابعة للحكومة، من حجب المواقع والمحتوى بدون أحكام قضائية وذلك تحت مبرر شبهة إثارة "النعرات العنصرية او الجهوية أو الأفكار الدينية أو المذهبية المتطرفة التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره". بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القانون يهدّد حرية النشر في مادته الثامنة التي تمكن الهيئة من حجب كل المواقع والصفحات التي تعرض مواد "مخلة بالآداب العامة" بالإضافة إلى منع الدخول أو الوصول إليها.
تهديد السلامة والأمن الرقمي للمواطنين
هذا ويحد القانون أيضاً من إمكانية دعم واستعمال وسائل التشفير إذ ينص فصله التاسع على أنه "لا يجوز لأي شخص أو جهة إنتاج أو حيازة أو توفير أو تسويق أو تصنيع أو استيراد أو تصدير وسائل التشفير دون ترخيص أو تصريح من الهيئة الوطنية لسلامة وأمن المعلومات"، ممّا يهدّد السلامة والأمن الرقمي ويحدّ بصفة هامة من تمكين المواطنين من حقهم في حماية خصوصيتهم ومعطياتهم الشخصية ومراسلاتهم على الإنترنت وضمان سريتها بعيداً عن رقابة السلطات.
تبعا لما سبق، تدعو المنظمات الموقعة على هذا البيان السلطات الليبية إلى:
1- سحب هذا القانون على الفور وعدم تطبيقه.
2- العمل على صياغة قانون جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية.
3- اعتماد مبدأ الحوار والتشارك مع المجتمع المدني الليبي والمنظمات الدولية المختصة عند صياغة أي مشروع قانون يخص الحقوق والحريات الأساسية وحرية النشر والصحافة في ليبيا.
المنظمات الموقعة
اكساس ناو، مراسلون بلا حدود، منا لحقوق الإنسان، هكسا كونكشن، منظمة التخوم الالكترونية، مؤسسة البيرو الإعلامية، سمكس، منظمة شباب بنغازي للتكنولوجيا وريادة الأعمال، منصة أنير، منظمة ليبيا للثقافة والإعلام، إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فينومينا للإعلام والبحث ، محامون من أجل العدالة في ليبيا، منظمة شباب من أجل تاورغاء، المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان، المركز الليبي لحرية الصحافة، منظمة رصد الجرائم الليبية، منظمة ممكن للتوعية والإعلام، شبكة اصوات للإعلام، حركة تنوير، منظمة نعم نستطيع الشبابية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، منبر المرأة الليبية من أجل السلام، حقوقيون بلا قيود، منظمة الأمان ضد التمييز العنصري، المنظمة الليبية للمساعدة القانونية، مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، عدالة للجميع، المجموعة الليبية المتطوعة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، مركز مدافع عن حقوق الإنسان، مركز الباحثين عن الحقيقة، المنظمة الليبية للإعلام المستقل