28 مايو 2025

©Shutterstock id: 1530503699
منذ عدة سنوات، يشهد الفضاء العام في الجزائر تصاعدًا مقلقًا في خطابات الكراهية والتحريض المستمر بحق
المهاجرين والمهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء. هذه الخطابات العنصرية، المتداولة بقوة عبر بعض وسائل
الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تُروّج لانتهاكات منهجية وتغذي مناخًا عامًا من الرفض والتمييز. وإذ تدين
المنظمات الموقعة أدناه هذه الخطابات بشدة، تدعو السلطات الجزائرية إلى وقف عمليات الطرد الجماعي التعسفية
بحق المهاجرين، ووضع حد لسياسات تجريم المجتمع المدني المتضامن معهم.
منذ اندلاع التوترات الدبلوماسية بين الجزائر ومالي، والتي بدأت عام 2022 على خلفية دور الجزائر في الوساطة
لاتفاق السلام المالي وتصاعدت العام الماضي جراء سلسلة من الاتهامات المتبادلة بالتدخل ودعم الجماعات المسلحة
وصولاً لتعليق التعاون الأمني، أصبح المهاجرون والمهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء هدفًا لحملات عنصرية
وتحريضية واسعة. تغذي هذه الموجة من الكراهية بعض وسائل الإعلام السمعية البصرية، وصفحات وحسابات
مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، بشكل منهجي. إذ تنشر خطابات تمييزية، بل وحض صريح
على الكراهية، ودعاوى بالحذر والرفض والطرد. وفي المقابل، تواصل السلطات الجزائرية صمتها المطبق إزاء
هذه الحملة العنيفة واللا إنسانية بحق المهاجرين.
لقد ساهمت هذه الحملة في خلق مناخ من الخوف وانعدام الأمن والإذلال لأشخاص يعيشون أصلًا في خضم أوضاع
هشة جدًا. ولعل من المثير للقلق، أن السلطات الجزائرية لم تصدر أي موقف رسمي، ولم تُتبنى أي خطاب مهدئ،
ولم تتخذ أي إجراءات حقيقية للحماية. بل على العكس، استجابت السلطات لهذه الحملة، وشرعت في تنفيذ اعتقالات
جماعية، ومداهمات للأحياء السكنية وعمليات طرد جماعي، وإعادة قسرية إلى النيجر؛ حيث الظروف غير
الإنسانية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
عام 2020، اعتمدت الجزائر القانون رقم 20-05 المتعلق بالحماية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما.
وكان يُفترض أن يعكس هذا القانون التزامًا بمناهضة كافة أشكال العنصرية. إلا أنه لم يُطبَّق أبدًا لكبح الخطابات
العنصرية أو المعادية بحق الأجانب والمهاجرين. بل على العكس، تُظهر حالات موثقة كيف تم توظيف هذا القانون
بطريقة انتقائية للنيل من نشطاء حقوق الإنسان، ولا سيما لقمع التعبير السياسي أو معاقبتهم على التنديد بالتمييز.
وفي هذا المناخ من التمييز والعداء، اتبعت السلطات الجزائرية سياسة قمعية ومنهجية في عمليات الطرد. وقد
تصاعدت هذه الممارسات بشكل مكثف منذ توقيع اتفاق الإعادة الثنائي مع النيجر عام 2014. وفي عام 2024، تم
طرد أكثر من 31 ألف شخص إلى النيجر بحسب منظمات إنسانية (منظمة ألارم فون صحاري) — وهو رقم
ضخم يعكس منهجًا تطهيريًا للهجرة، دون أية ضمانات قانونية.
ومؤخرًا، بين 1 و21 أبريل 2025، طردت الجزائر أكثر من 4900 شخص إلى النيجر، بينهم 2753 نيجريًا تم
طردهم عبر قوافل رسمية؛ ضمت 308 قاصرًا و196 امرأة. كما تم طرد 2222 مهاجرًا من جنسيات إفريقية
مختلفة عبر قوافل غير رسمية، إذ تُركوا فيما يُعرف بـ "النقطة صفر"، وأُجبروا على المشي حوالي 15 كيلومترًا
في الصحراء حتى بلدة "أساماكا"، دون ماء أو طعام، وفي ظروف غير إنسانية (وفقًا لمنظمة ألارم فون صحاري).
هذه الممارسات تكشف عن مشاركة نشطة ومنهجية من قبل السلطات الجزائرية في هذه الموجة العنصرية، من
خلال سياسات قمعية تُطبق منذ 2014، أي قبل الأحداث الأخيرة بسنوات.
وأمام هذا الوضع الخطير، نحن:
- ندين بشدة خطابات الكراهية، وعمليات الطرد الجماعي بدون ضمانات قانونية، والعنف والاعتقالات
التعسفية، وتجريم عمل النشطاء المتضامنين.
- نُذكّر الجزائر بالتزاماتها الدولية، لا سيما اتفاقية جنيف (1951)، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال
المهاجرين وأفراد أسرهم (2005)، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 97 بشأن العمال المهاجرين
(المصادق عليها في 1962)، واتفاقية كمبالا.
- نحث السلطات الجزائرية على الوقف الفوري لعمليات الطرد التعسفي، وضمان حق اللجوء، ووسائل الطعن
الفعّالة، واعتماد تشريعات وطنية وقائية، بالتشاور مع المجتمع المدني المستقل.
- نُناشد الهيئات الإقليمية والدولية المعنية بالتحقيق في الوضع الراهن، وتحديد المسئوليات، وتقديم توصيات
واضحة. وخاصة اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولجنة
خبراء منظمة العمل الدولية، والمقرر الأممي الخاص المعني بحقوق المهاجرين.
- نطالب بالتطبيق الفعلي للقانون 20-05، لا ضد النشطاء والمعارضين، بل ضد المحرّضين الحقيقيين على
خطاب الكراهية.
ونؤكد مجددًا عزمنا على الدفاع عن كرامة وحقوق وأمن المهاجرين والمهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء في
الجزائر، في مواجهة هذا القمع والتمييز والظلم. كما نؤكد تضامنا ووحدة مطلبنا بتغيير فوري ودائم في السياسات
المتعلقة بالهجرة في الجزائر.
المنظمات الموقعة:
- عدالة للجميع
- التحالف العابر للمتوسط لنساء الجزائر
- CNCD-11.11.11
- الاورومتوسطية للحقوق
- ريبوست إنترناشيونال
- مؤسسة النهوض بالحقوق
- الكونفدرالية النقابية للقوى المنتجة COSYFOP
- منّا لحقوق الإنسان
- مركز جيستيسيا للحماية القانونية لحقوق الإنسان الجزائر
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان CIHRS
- لجنة العدالة (CFJ)
- Statewatch
- المنظمة المغربية لحقوق الإنسان
- شعاع لحقوق الإنسان
- حريات الجزائر
- تجمع عائلات المفقودين الجزائر CFDA
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان FIDH
- رابطة حقوق الإنسان LDH
- لجنة الانقاذ للرابطة للدفاع عن حقوق الإنسان CS-LADDH
- الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ATFD
- Migreurop
- البديل من أجل الفضاءات المواطنية