جماعات حقوقية تجدد دعوتها للسلطات المغربية لوقف الاضطهاد الذي يتعرض له توفيق بوعشرين وغيره من الصحفيين الناقدين

23 فبراير 2023

انضمت منَا لحقوق الإنسان إلى 41 منظمات المجتمع المدني في التوقيع على رسالة مفتوحة إلى السلطات المغربية تحثها على إطلاق سراح توفيق بوعشرين ، من بين الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. الصحفي معتقل حاليا لمجرد ممارسته حقه في حرية التعبير.

Taoufik Bouachrine © courtesy of Gulf Center for Human Rights

 تجدد المجموعات الحقوقية الموقعة أدناه دعوتها للسلطات المغربية وضع حد فوري لاضطهاد واحتجاز الصحفي المستقل والمحرر البارز توفيق بوعشرين وعشرات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين لمجرد ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير.

 يصادف ٢٣ فبراير/شباط ٢٠١٨ الذكرى السنوية لاعتقال بوعشرين، مؤسس ورئيس تحرير الصحيفة اليومية المستقلة، أخبار اليوم، عقب كتابته مقالات افتتاحية تنتقد مسؤولين مغاربة رفيعي المستوى، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفقًا لتقارير إخبارية نقلتها وسائل إعلام دولية موثوق بها، منها صحيفة الجارديان.

 في نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٨، أصدرت محكمة في الدار البيضاء بحق بوعشرين حكمًا بالسجن لمدة ١٢ عاما بعد اتهامه بالاعتداء الجنسي على عدة نساء، على الرغم من عدم حضور معظمهن إلى المحكمة للإدلاء بشهاداتهن ضده، وقد تم تمديد الحكم إلى ١٥ عاما إثر استئناف المدعي العام في ٢٠١٩. تمت إدانة عفاف برناني، إحدى هؤلاء النساء، ومراسلة سابقة لأخبار اليوم، بالسجن لمدة ستة أشهر بعد اتهامها علانية لضابط شرطة بتزوير شهادتها. ورغم تعرضها للمضايقات والترهيب من الشرطة، أفادت بأنها لم تشهد قط أي محاولة للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب من جانب بوعشرين على نفسها أو أي من زملائها. سافرت برناني إلى المنفى فور إطلاق سراحها من السجن مثل صحفيين ناقدين آخرين مضطهدين.

 بالإضافة إلى ذلك، كشف مشروع بيجاسوس بأن برنامج التجسس استهدف النساء اللواتي زعمن أن بوعشرين قد اعتدى عليهن جنسيًا، مثل غيرهن من الصحفيين البارزين، بما في ذلك بوعشرين، مما يُرجح استخدامه لابتزازهن. 

تجاهلت السلطات المغربية النتيجة التي خلص إليها فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي لعام ٢٠١٩ بأن حرمان بوعشرين من حريته غير عادل؛ وقد دعت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة الحكومة المغربية إلى إطلاق سراحه ودفع تعويضات عن الضرر الذي لحق به؛ وأقرت المجموعة أيضًا بأن محاكمته شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة، واعتبرت أن اعتقال بوعشرين جزءًا من "المضايقات القضائية التي لا تُعزى إلى شيء سوى تحقيقاته الصحفية".

 وصف محامون مغاربة في مجال حقوق الإنسان، وجماعات حقوقية أفريقية، وعربية، ودولية، محاكمة بوعشرين الجائرة وتلك التي طالت عشرات الصحفيين المستقلين، ونشطاء حقوق الإنسان والسياسيين، بأنها انتهاكات صارخة ومخزية لدستور المملكة المغربية، والتزامها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 

 على مدى السنوات الماضية، استخدمت السلطات المغربية الادعاءات الكاذبة المتعلقة بالاعتداءات الجنسية والعلاقات خارج نطاق الزواج بشكل روتيني ومعتاد، كأداة لإسكات وسجن الصحفيين الناقدين وتشويه سمعتهم، في بلد وفر مساحة أكبر للصحافة المستقلة، مقارنة بمعظم الدول العربية، قبل سنوات قليلة من اعتلاء الملك محمد السادس العرش في عام ١٩٩٩.

 بعد قرابة من ١٨ شهرًا من اعتقال الصحفي بوعشرين في عام ٢٠١٨، تم القبض على هاجر الريسوني، مراسلة إعلامية ناقدة في أخبار اليوم، ومدافعة عن حقوق الإنسان، بتهمة "الإجهاض غير القانوني" و "الزنا". حكمت محكمة في الرباط عليها وخطيبها في سبتمبر/أيلول ٢٠١٩ بالسجن لمدة عام. أدت الإدانة الدولية لسجنها والتضامن معها إلى إصدار عفو ملكي من الملك محمد السادس في الشهر التالي.

 بعد ثمانية أشهر، اختطفت الشرطة عمها، سليمان الريسوني، الصحفي الاستقصائي والمدافع عن الديمقراطية، الذي تولى منصب رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم بعد سجن بوعشرين، حسب قول زوجته، كاتبة السيناريوهات سايقا، خلود مختاري. حُكم عليه في يوليو/تموز ٢٠٢١ بالسجن خمس سنوات "غيابيا، وفي غياب فريق دفاعه، بتهمة 'الاعتداء الجنسي' على شاب مغربي مثلي الجنس. وتعد هذه القضية فريدة من نوعها في تاريخ المحاكمات في المغرب، حسبما كتبت مختاري في مقال نشرته أوريان ٢١.

بطبيعة الحال، أدى سجن بوعشرين والريسوني، إلى جانب مضايقات الشرطة المستمرة، وترهيب مراسليها وعائلاتهم، إلى إغلاق ما يعتبره العديد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب، آخر صحيفة مستقلة في البلاد.

 واجه عمر الراضي، صحفي استقصائي مرموق آخر، اتهامات مماثلة، وظلمًا صارخًا، وسجنًا، منذ اعتقاله في عام ٢٠٢٠. شارك راضي في تأسيس موقع الأخبار الانتقادي The Desk. حُكم عليه في يوليو/تموز ٢٠٢١ بالسجن لمدة ستة أعوام بتهمة الاغتصاب والتجسس في محاكمة شابتها انتهاكات للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.

في يونيو/حزيران ٢٠٢٠، كشفت منظمة العفو الدولية أن هواتف راضي والريسوني وبوعشرين كانت من بين اللتي تعرضت لهجمات متعددة باستخدام "تقنية جديدة متطورة قامت بتثبيت برنامج التجسس الشهير بيجاسوس لمجموعة NSO".

 لا تستخدم الادعاءات الكاذبة من هذا النوع لترويع وسجن الصحفيين الناقدين فحسب، ففي نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٢، تم اعتقال وزير حقوق الإنسان المغربي السابق، المحامي محمد زيان، وأدين بعدة تهم من بينها إهانة ومحاولة التأثير على القضاء، وازدراء المؤسسات، والزنا، والتحرش الجنسي، وفقًا لبيان صادر عن مكتب المدعي العام. كان زيان من بين محامي حقوق الإنسان الذين استنكروا مرارًا ما أسموه بالمحاكمات الجائرة لبوعشرين وغيره من الصحفيين الناقدين الذين يقبعون في السجون.

بدأت حرب الاستنزاف التي تشنها السلطات المغربية ضد الصحافة الناقدة منذ أكثر من ٢٠ عامًا، وذلك بإصدار أوامر للمعلنين المقربين من الحكومة بمقاطعة الصحف المستقلة، واستخدام القضاء المغربي كأداة لإسكاتهم ومضايقة ناشريهم، ومحرريهم، ومراسليهم. أُجبرت العديد من الصحف والمجلات الإخبارية المستقلة، بما في ذلك Le Journal Hebdomadaire ونيشان، والجريدة الأخرى، والجريدة الأولى، ودومان بنسختيها العربية والفرنسية على الإغلاق تحت ضغوط مالية ومضايقات دبرها مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى.

في ١٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠٢٣، أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا انتقد فيه نمط اعتقال الصحفيين في المغرب، مشيرًا إلى أن "حرية الصحافة في المغرب في تدهور مستمر حيث تراجعت المملكة إلى المرتبة ١٣٥ في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام ٢٠٢٢" الذي أصدرته مؤسسة مراسلون بلا حدود.

 نرحب بقرار البرلمان الأوروبي، الذي: "يحث السلطات المغربية على احترام حرية التعبير وحرية الإعلام، وضمان محاكمة عادلة للصحفيين المسجونين، ولا سيما عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، مع جميع ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، وتأمين الإفراج الفوري والحماية اللازمة لهم، ولمحاميهم، ولأسرهم ووقف مضايقتهم"؛ كما "ندين بشدة سوء استخدام مزاعم الاعتداء الجنسي لردع الصحفيين عن أداء واجباتهم؛ ونؤمن أن هذا الاستخدام السيء يعرض حقوق المرأة للخطر."

 نحث السلطات المغربية على عدم الاعتراض على توصيات البرلمان الأوروبي التي تدعم حرية التعبير، بل اتخاذ جميع الإجراءات لإطلاق سراح جميع الصحفيين المسجونين ظلمًا، الذين قضوا سنوات في السجن بتهم باطلة. 

المنظمات الموقعة: اتحاد الصحافة في غامبيا، اكسس ناو، الائتلاف التونسي لالغاء عقوبة الاعدام، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، الجمعية الوطنية البوليفية للصحافة، الشبكة الدولية لحقوق رسامي الكاريكاتير، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، القسط لحقوق الإنسان، المادة ١٩، المركز الأفريقي لحرية الاعلام، المركز الإعلامي في سراييفو، المركز السوري للاعلام وحرية التعبير، المعهد الدولي للصحافة، المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، جمعية العاملين بالإعلام في الكاريبي، جمعية اليقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، حارس حقوق الانسان، حركة الاعلام الحر، سيفيكاس، فيمينا، ‏لا سلام دون ‏عدالة، لجنة اليقظة من أجل الديمقراطية في تونس، بلجيكيا، لجنة حماية الصحفيين، مؤسسة االصحافة لغرب افريقيا، مؤسسة الصحافة الباكستانية، مبادرة ايفوكس من أجل حرية التعبير بتركيا، محتجز انترناشونال، مراسلون بلا حدود، مركز الخليج لحقوق الإنسان، مركز القلم أمريكا، مركز القلم الكندي، مركز جلوب الدولي، مركز حرية الاعلام والمسؤولية، مركزالدراسات الاعلامية وبناء السلام، مشاهدة وسائل الإعلام، معهد الإعلام بجنوب إفريقيا، معهد حرية التعبير، منّا لحقوق الإنسان، منتدى التجديد للفكر المواطني والتقدمي، منظمة إعلام جنوب شرق أوروبا، نادي القلم الدولي

آخر الأخبار