الاستعراض الدوري الشامل: كيف نتصدى لأزمة حقوق الإنسان الحالية في الجزائر؟ منظور المجتمع المدني

28 مارس 2023

بعد الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل، أبلغت الجزائر مجلس حقوق الإنسان بقرارها قبول 215 من أصل 290 توصية تلقتها. ندعو السلطات الجزائرية إلى تنفيذ هذه التوصيات. كما ندعو الجزائر إلى إعادة النظر في موقفها من التوصيات التي تمت الإشارة إليها فقط ، لا سيما تلك المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحظر التعذيب ومكافحة الإرهاب واستقلال القضاء.

Algeria, Algiers - November 15, 2019: Algerians maintain pressure for the 39th week of protests, against the current government, and against the presidential elections scheduled for 12 December 2019. © Saad Bakhouche/Shutterstock.

في 11 نوفمبر 2022، تمت مراجعة سجل الجزائر في مجال حقوق الإنسان، وذلك خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع الذي أقيم أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. خلال الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2023، أفاد الوفد الجزائري أنه قبل 215 من أصل 290 توصية تم تقديمها (والتي يعتبر الوفد 55 منها منفذة بالفعل)، وقبل 4 توصيات جزئياً، وأحاط علماً بـ70 توصية.

نشعر نحن المنظمات الموقعة أدناه بالقلق من امتناع الحكومة الجزائرية عن قبول التوصيات الموجهة نحو تعزيز الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. تناولت العديد من التوصيات التي لم تقبلها الجزائر قضية الاعتقالات التعسفية في البلاد، والتي يتم تنفيذ العديد منها تحت ستار مكافحة الإرهاب.

حرية التعبير

بينما قبلت الجزائر التوصيات المتعلقة بالحاجة إلى مواءمة تشريعات حقوق الإنسان مع الدستور والالتزامات الدولية ذات الصلة للدولة، زعمت السلطات أن ممارسة حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات محمية بالفعل في الدستور.

ومع ذلك، لم تقبل الجزائر تعديل مواد قانون العقوبات التي تقيد حرية التعبير وتتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

على الرغم من أن قانون الإعلام لعام 2012 ألغى تجريم جرائم الصحافة، إلا أن قانون العقوبات لا يزال يحتوي على أحكام بالسجن على الأفعال التي تقع ضمن حرية التعبير. ونتيجة لذلك، يستمر استخدام الاتهامات بـ "الإساءة" أو "الإهانة" أو "التشهير" بالمسؤولين والمؤسسات العامة لملاحقة المنتقدين السلميين. كما أوضح الوفد أنه ليس لديه نية لإلغاء تجريم التشهير. تطبق السلطات مواداً أخرى غامضة الصياغة وفضفاضة للغاية ضد المنتقدين السلميين، مثل "الإضرار بالوحدة الوطنية" و"الإضرار بالمصلحة الوطنية".

التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

حثت عدة دول الجزائر على تعديل تشريعاتها الخاصة بالاجتماعات والمظاهرات العامة لضمان الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

وبينما تدعي الجزائر أن هذه التوصية قد تم تنفيذها بالفعل، فإننا نذكر أن السلطات اعتمدت باستمرار على اتهامات "التجمعات غير المسلحة" لاعتقال واحتجاز المتظاهرين السلميين. يتضمن قانون الاجتماعات والمظاهرات العمومية، الساري حالياً، عدداً من المواد التقييدية للغاية ولا يزال يوفر نظام التصريح الذي ينتهك الدستور والمعايير الدولية.

وفيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، أوضحت الجزائر أن "الدستور يكفل الحق في تكوين الجمعيات بإعلان بسيط"، مضيفة أن "شروط وطرق تكوين الجمعيات سيحددها قانون الجمعيات المستقبلي".

بينما يهدف مشروع القانون الذي ذكره الوفد الجزائري إلى إنشاء نظام تفسيري لإنشاء الجمعيات، يحتوي النص على عدد من القيود غير المبررة، صيغت بعبارات غامضة للغاية مثل "احترام الثوابت والمبادئ الوطنية".

من الناحية العملية، تقلص الحيز المدني في الجزائر بشكل كبير في السنوات الأخيرة. في أوائل عام 2023، قام مجلس الدولة بحل الجمعية الوطنية للشباب "راج". في العام نفسه، أغلقت السلطات مكاتب جمعية SOS باب الواد بعد 21 عاماً من النشاط، وسُجن رئيسها ناصر مغنين بسبب نشاطه.

في الفترة التي سبقت الاستعراض الدوري الشامل لعام 2022 ، قامت السلطات الجزائرية بتعليق وحل العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH). لم يعد من الممكن الطعن في القرار في المحكمة حيث علم أعضاؤها بالقرار بعد أشهر، عبر وسائل التواصل الاجتماعي في يناير 2023.

الاعتقال التعسفي

فيما يتعلق بالتوصيات المتعلقة بمعاينة معاملة الأشخاص المحتجزين، وممارسة الاعتقالات التعسفية، وانتشار الإفلات من العقاب، أكدت الجزائر أنه "لا يجوز القبض على أي شخص ما لم يكن هناك دليل على تورطه في جريمة أو جنحة يعاقب عليها بالسجن." كما ادعى الوفد أن حقوق الأشخاص المحتجزين لدى الشرطة مكفولة بموجب القانون.

اعتباراً من سبتمبر 2021، حوكم ما يقارب ال 1000 فرد لمشاركتهم في "الحراك" أو لنشرهم رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الحكومة. ثم احتُجز ما لا يقل عن 32 شخصاً بسبب ممارستهم المشروعة لحقوقهم الإنسانية، وواجه بعضهم أحكاماً مطولة بينما كان الآخرون لا يزالون في الحبس الاحتياطي. هناك عدد من الصحفيين محتجزين حالياً، من بينهم إحسان القاضي و مصطفى بن جمعة، على سبيل المثال لا الحصر.

التعذيب

ونرحب بتأييد الوفد الجزائري للتوصيات المتعلقة بمنع التعذيب. على سبيل المثال، قبلت الجزائر التوصية المتعلقة بالتنفيذ الفعال لاتفاقية مناهضة التعذيب، بما في ذلك برامج التدريب للمسؤولين عن إنفاذ القانون والقضاء. والأهم من ذلك، وافقت الجزائر على التوفيق بين تعريف جريمة التعذيب في الإطار التشريعي الوطني والتعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب.

منذ بداية الحراك الاحتجاجي في عام 2019، تم الإبلاغ عن عدة حالات تعذيب بما في ذلك حالة الناشط سامي درنوني والمتظاهر وليد نكيش. في عام 2021، ادعى قاصر أيضاً أنه تعرض للاعتداء الجنسي في مركز للشرطة في الجزائر العاصمة، مما أدى إلى نقاش حول معاملة الأشخاص المحتجزين. ونتيجة لذلك، أعتقل من أبلغوا عن مزاعم القاصر. عادة ما يتم تجاهل مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في المحكمة.

مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان

في يونيو 2021، تم تعديل قانون العقوبات الجزائري من خلال توسيع تعريف الإرهاب وإصدار قائمة وطنية بالأشخاص والكيانات الإرهابية، في سياق يتم فيه استخدام تهم الإرهاب بشكل متزايد لمحاكمة المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، أوصت الولايات المتحدة الجزائر بإلغاء تعريفها الفضفاض والغامض للإرهاب على النحو المنصوص عليه في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات. وبالمثل، حثت إسبانيا والمكسيك الحكومة الجزائرية على التوفيق بين المادة 87 مكرر والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وردت الجزائر قائلة إنها نفذت بالفعل هذه التوصيات، مشيرة إلى أن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات تتماشى مع العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي.

نشعر بقلق بالغ لأن الوفد أحاط علماً فقط في هذه التوصية، بينما قبل توصية مماثلة خلال دورة الاستعراض الدوري الشامل السابقة للجزائر. نعتقد اعتقاداً راسخاً أنه يجب على السلطات التوقف عن استخدام تهم الإرهاب لقمع المعارضة السلمية.

استقلال القضاء

لا يزال النظام القضائي الجزائري يعاني من تدخل السلطة التنفيذية. في عام 2018، أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء حقيقة أن "السلطة التنفيذية تلعب دوراً مهماً في تنظيم السلطة القضائية". على الرغم من قبول الوفد الجزائري لعدة توصيات لتعزيز استقلال القضاء، أكدت الجزائر أنها نفذت بالفعل تدابير لضمان هذا الاستقلال. وأشاروا كأمثلة، إلى إستقلال القضاء في الدستور وكذلك مراجعة قانون المجلس الأعلى للقضاء.

وتجدر الإشارة إلى أن قضاة مستقلين قد خضعوا لإجراءات تأديبية وحوكم العديد من المحامين بسبب دفاعهم عن موكليهم أو ممارسة حقهم في حرية التعبير.

الخلاصة والمطالب

في ضوء ما سبق، فإننا المنظمات الموقعة أدناه، ندعو السلطات الجزائرية إلى تنفيذ التوصيات التي تلقتها خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير، خاصة تلك المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وحظر التعذيب، ومكافحة الإرهاب، واستقلال القضاء. بالإضافة إلى ذلك، نحث الجزائر على إعادة النظر في موقفها من التوصيات التي ببساطة أحيطت علماً بها.

قائمة الموقعين:

الأورو-متوسطية للحقوق

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

منّا لحقوق الإنسان


* بينما اعتمد مجلس حقوق الإنسان نتيجة المراجعة الدورية الشاملة للجزائر في 27 مارس 2023، نظم الموقعون أعلاه نشاطاً عبر الإنترنت لمناقشة الوضع الحالي لحقوق الإنسان في الجزائر. تسجيل عن هذه الندوة باللغة الفرنسية متاح عبر هذا الرابط.

آخر الأخبار