السلطات الإسرائيلية تواصل احتجاز طبيب فلسطيني من غزة

السلطات الإسرائيلية تواصل احتجاز طبيب فلسطيني من غزة

في مطلع يوم 28 ديسمبر 2024، اعتقلت القوات الإسرائيلية الدكتور أبو صفيّة خلال غارة عسكرية شنتها على مستشفى كمال عدوان. وتعرض الدكتور أبو صفيّة للاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال دون تهمة بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين الإسرائيلي. وفي 16 أكتوبر 2025، تم تمديد أمر احتجازه مرة أخرى لمدة ستة أشهر. على الرغم من النداءات العالمية من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لإطلاق سراحه، لا يزال قيد الاحتجاز تعسفي.

الدكتور حسام أبو صفيّة هو طبيب أطفال، وطبيب رئيسي في مؤسسة MedGlobal، ومدير مستشفى كمال عدوان في غزة. استخدم الدكتور أبو صفيّة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به لنشر آخر المستجدات حول الهجمات الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان، وتقديم معلومات مهمة حول المساعدات والمواد اللازمة لاستمرار عمل المستشفى، وذلك لضمان توفير الرعاية الطبية للمرضى والجرحى.

وفي صباح يوم 27 ديسمبر 2024، شنت القوات العسكرية الإسرائيلية غارة عسكرية على مستشفى كمال عدوان، مما أدى إلى توقف العمل فيه علما أنه كان آخر مستشفى رئيسي شغال في شمال غزة. واستدعى الجيش الإسرائيلي الدكتور حسام أبو صفيّة، وأجبره على إجلاء معظم المرضى والجرحى والعاملين في المستشفى، ثم اعتقله في الساعات الأولى من يوم 28 ديسمبر.

ظل الدكتور أبو صفيّة لمدة 45 يومًا في الاعتقال السري، دون أي اتصال بأسرته أو محاميه. وعندما قدمت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل (PHRI) استفسارًا عنه في 2 يناير 2025، أنكر الجيش وجود أي سجل لاعتقاله. ولم يؤكد أنه محتجز لديه إلا بعد ثلاثة أيام، مع الاستمرارفي رفض الكشف عن مكان احتجازه. 

وفي 11 فبراير 2025، سُمح أخيرًا للدكتور أبو صفية باستقبال أول زيارة من محاميه، وهو محام من مركز الميزان لحقوق الإنسان (الميزان)، وذلك في سجن عوفر.

وخلال الزيارة، وصف الدكتور أبو صفيّة التعذيب النفسي والبدني الذي تعرض له على يد السلطات الإسرائيلية: فقد تم تجريده من ملابسه وتقييده بالسلاسل وضربه بالهراوات وإجباره على الجلوس على الحصى على مدى ساعات. كما أنه خضع لاستجوابات مطولة استمرت لمدة 13 يوماً متتالياً، وصدمات كهربائية، وضربات على الصدر، وتهديدات تتعلق بأفراد أسرته. وقد فقد 12 كيلوغراماً في أقل من شهرين، وحُرم من الرعاية الطبية اللازمة. 

وفي 12 فبراير/شباط 2025، أصدر قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي أمراً باعتقال الدكتور أبو صفيّة باعتباره "مقاتلاً غير شرعي" بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين. وفي اليوم التالي، 13 فبراير/شباط 2025، تم تسليم أمرالاعتقال إلى محكمة عسقلان ومحامي الدكتور أبو صفيّة. وأُلغيت جلسة الاستماع التي كان من المقرر عقدها في نفس اليوم للنظر في تمديد احتجاز الدكتور أبو صفيّة بعد أن تذرعت السلطات بقانون المقاتلين غير الشرعيين. 

وفي وقت سابق، في 9 كانون الثاني/يناير 2025، كانت محكمة الصلح في عسقلان قد مددت احتجاز الدكتور أبو صفيّة بشبهة ارتكابه جرائم بموجب القانون الجنائي الإسرائيلي. ومع ذلك، وبسبب عجز النيابة العامة عن جمع أدلة كافية لدعم لائحة الاتهام، كما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية الإسرائيلي لعام 1996، عادت السلطات الإسرائيلية إلى احتجازه بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين.

وحسب محامييه، حاولت السلطات الإسرائيلية إعادة تصنيف القضية كقضية جنائية من أجل رفع دعوى جنائية حسب الأصول. ولكن، بعد سلسلة من الاستجوابات وعمليات التعذيب الشديد بهدف انتزاع اعتراف لاستخدامه في المحكمة، لم تتمكن السلطات الإسرائيلية من إثبات أي أسباب للمحاكمة بعد أكثر من 45 يومًا من الاحتجاز. ونتيجة لذلك، أعيدت قضيته في النهاية إلى تصنيفها الأصلي بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين.

وفي 20 مارس 2025، سُمح لأحد محاميي أبو صفيّة بزيارة مدتها 17 دقيقة في سجن عوفر. وخلال الزيارة، أفاد الدكتور أبو صفيّة بأنه تعرض للضرب المبرح ست مرات منذ لقائه الأخير بمحاميه قبل 10 أيام. وأفاد بأن أربعة من ضلوعه قد كُسرت، وأنه يعاني من إصابات في عينيه، بما في ذلك كدمات واضحة للعيان، وأنه حُرم من النظارات اللازمة لضعف بصره. وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، لم يكن هناك سوى القليل من الطعام المتاح للدكتور أبو صفيّة والمعتقلين الآخرين، ولم يكن الحمام متاحًا سوى لمدة ساعة واحدة في الأسبوع ولمدة دقيقة واحدة لكل معتقل، ولم يكن هناك سوى منشفة واحدة لكل خمسة معتقلين. 

وفي 25 مارس 2025، قامت محكمة بئر السبع (أو بير الصبي) المحلية، وهي محكمة مدنية إسرائيلية، بمراجعة أمر الاحتجاز الصادر في 12 فبراير 2025 عن قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي ضد الدكتور أبو صفيّة، فصادقت عليه وعلى احتجازه لمدة ستة أشهر إضافية. 

وخلال الجلسة، قدم المدعي العام للمنطقة الجنوبية ملفًا سريًا إلى المحكمة، زاعمًا أن الدكتور أبو صفيّة يشكل تهديدًا لأمن دولة إسرائيل وأنه شارك في أنشطة "عدائية". ورداً على ذلك، أكد فريق الدفاع عن الدكتور أبو صفيّة على براءته، ودفع بأنه كان يؤدي مهام طبية وإدارية لا غير في مستشفى كمال عدوان. كما طلب الدفاع الاطلاع على ملف التحقيق السري، لكن النيابة العامة رفضت تسليم الملف، وأيدت المحكمة هذا الرفض.

وفي 30 أبريل 2025، قدمت منظمة منّا لحقوق الإنسان التماساً إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والتابع للأمم المتحدة نيابة عن الدكتور حسام أبو صفيّة، حثت فيه الفريق على اعتبار احتجاز الدكتورأبو صفيّة احتجازا تعسفياً بموجب القانون الدولي، ودعوة السلطات الإسرائيلية إلى الإفراج عنه فوراً.

وفي 16 أكتوبر 2025، مددت محكمة بئر السبع (أو بير الصبي) احتجاز الدكتور حسام أبو صفيّة لمدة ستة أشهر إضافية. و قدحضر محامي الدكتور أبو صفيّة الجلسة شخصياً وطعن في قانونية احتجازه، مشيراً إلى عدم وجود أي أدلة تدينه وعدم توجيه أي تهم رسمية بحقه. وانضم الدكتور أبو صفيّة إلى الجلسة عبر مكالمة فيديو من مكان احتجازه في سجن عوفر.

وقد أدان خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة احتجاز الدكتور أبو صفيّة، بمن فيهم المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967،  والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، فضلاً عن منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، وغيرها.

ويحرم قانون المقاتلين غير الشرعيين المعتقلين الفلسطينيين من حقوقهم المحمية بموجب القانون الدولي، ويسمح باحتجازهم إلى أجل غير مسمى، دون تهمة أو محاكمة. ويسمح نص القانون للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الفلسطينيين المشتبه في أنهم "مقاتلون غير شرعيين"، علما بأنه مصطلح لا يحمل أي صفة قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي، على أساس "أدلة سرية" لا يحق للدفاع أو محامييهم الاطلاع عليها أو الطعن فيها. ولا يُطلب من الجيش الإسرائيلي إصدار أمر احتجاز خلال أول 45 يوماً من الاحتجاز، ويُحرم المحتجزون من الاتصال بمحامٍ لمدة تصل إلى 90 يوماً.

ومنذ أكتوبر 2023، استندت السلطات الإسرائيلية إلى قانون المقاتلين غير الشرعيين لاعتقال آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم مئات العاملين في مجال الرعاية الصحية مثل الدكتور أبو صفيّة. وجدير بالذكرأن استهداف إسرائيل للمرافق الطبية والعاملين في مجال الرعاية الصحية يساهم في تدمير نظام الرعاية الصحية وانهياره في غزة، ويعتبر ذلك أحد مكونات جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة.

آخر التحديثات

16 أكتوبر 2025: محكمة بئر السبع (أو بير الصبي) تجدد احتجازه لمدة ستة أشهر.
30 أبريل 2025: منظمة منّا لحقوق الإنسان تقدم التماساً إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والتابع للأمم المتحدة، تحثه فيه على اعتبار احتجاز الدكتور أبو صفيّة احتجازاً تعسفياً.
20 أبريل 2025: الدكتور أبو صفيّة يتلقى زيارة من محاميه ويبلغ عن استمرار تعرضه للتعذيب.
25 مارس 2025: محكمة بئر السبع (أو بير الصبي) تجدد احتجازه لمدة ستة أشهر.
20 مارس 2025: يُسمح للدكتور أبو صفيّة بمقابلة محاميه لمدة 17 دقيقة، يصف خلالها تعرضه للتعذيب وتدهور حالته الصحية.
26 فبراير 2025: يرسل أصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن احتجاز الدكتور أبو صفيّة.
13 فبراير 2025: يتم تسليم أمر الاحتجاز إلى محكمة عسقلان وإلى محامي الدكتور أبو صفيّة. ويتم إلغاء الجلسة المقررة للنظر في تمديد احتجازه وذلك على أثر لجوء السلطات إلى قانون المقاتلين غير الشرعيين.
12 فبراير 2025: يصدر قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي أمراً باعتقال الدكتور أبو صفيّة بصفته "مقاتلاً غير شرعي" بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين.
11 فبراير/شباط 2025: الدكتور أبو صفيّة يتلقى أول زيارة من محاميه في سجن عوفر، بعد 45 يوماً من الاعتقال السري.
22 كانون الثاني/يناير 2025: المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ترسل رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن احتجاز الدكتور أبو صفيّة قيد الاعتقال السري.
9 يناير 2025: محكمة الصلح في عسقلان تمدد احتجاز الدكتور أبو صفية دون تهمة حتى 13 فبراير 2025، بشبهة ارتكاب جرائم بموجب القانون الجنائي الإسرائيلي، ويتم نقله إلى سجن عوفر بعد جلسة الاستماع.
8-9 يناير 2025: يُنقل الدكتور أبو صفيّة إلى سجن شكما قبل جلسة الاستماع المقررة في 9 يناير.
5 يناير/كانون الثاني 2025: السلطات الإسرائيلية تؤكد أن الدكتور أبو صفيّة محتجز لديها لكنها لا تكشف عن مكان احتجازه.
2 يناير 2025: يقدم طلب إلى الجيش الإسرائيلي للحصول على معلومات عن الدكتور أبو صفيّة ويرد الجيش الإسرائيلي بأنه لا يوجد لديه أي سجل عن اعتقاله أو توقيفه.
28 ديسمبر 2024: يتم اختطاف الدكتور أبو صفيّة على يد القوات الإسرائيلية ونقله إلى مكان مجهول.
27 ديسمبر 2024: القوات الإسرائيلية تشن غارة عسكرية على مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، بينما كان الدكتور أبو صفيّة في نوبة عمله.

More on country