مشروع قانون حالة الطوارئ في تونس يبقى غير منسجم مع المعايير الدولية

20 يونيو 2019

دعت كل من منا لحقوق الإنسان و Article 19 Middle East & North Africa (منظمة المادة 19 منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) إلى تدخل المقرر الخاص للأمم المتحدة لضمان مواءمة مشروع القانون الذي يحكم حالة الطوارئ في تونس مع المعايير الدولية

في 7 يونيو 2019، طالبت منا لحقوق الإنسان و Article 19 Middle East & North Africa بتدخل مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب لضمان توافق مشروع القانون الذي يحكم حالة الطوارئ في تونس مع المعايير الدولية.

قبل إجراء تصويت عام في البرلمان التونسي، أعربت المنظمتان لخبير الأمم المتحدة عن انشغالهما بإمكانية اعتماد مجلس نواب الشعب لمشروع القانون رقم 91-2018. فعلى الرغم من تعديل النص من قبل لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالبرلمان في أبريل 2019، إلا أن المنظمتان تعتقدان أن النص لا يزال يتضمن أحكاما من شأنها المساس بالحقوق والحريات الأساسية في البلاد.

زودت المنظمتان المقرر الخاص بتحليل لمشروع القانون، الذي قد يحل بدل المرسوم رقم 78-50، الذي تم على أساسه فرض حالة الطوارئ بشكل متواصل منذ نوفمبر 2015، بعد تفجير انتحاري في تونس.

نبهت المنظمتان إلى أن أن القانون المقترح سيشكل تراجعا لحقوق الإنسان في البلاد، ودعتا المقرر الخاص إلى مطالبة السلطات التونسية باستبدال المرسوم رقم 78-50 بتشريع ينسجم تماما مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

لماذا لا زال مشروع القانون يطرح إشكالا؟

على الرغم من التعديلات التي أدخلت في وقت سابق من هذا العام، فإن أسباب إعلان حالة الطوارئ بموجب مشروع القانون لا تزال أوسع مما ينص عليه القانون الدولي.

جاء في المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن حالة الطوارئ لا يُسمح بها إلا في الحالات التي "تتهدد فيها حياة الأمة" وأن " تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي" بموجب الشروط التالية:

  • يجب الإعلان عن الاسثتناءات رسميا وفقًا للقانون الوطني والدولي؛
  • يجب أن تكون القيود المفروضة على الحقوق استثنائية ومؤقتة؛
  • لا يمكن الانتقاص من بعض الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة ، وحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة ، ولا يجوز إدانة أي شخص بارتكاب أي جريمة جنائية بسبب أي فعل أو إهمال لا يشكل جريمة؛
  • يجب أن تقتصر القيود المفروضة على حقوق الإنسان على المدى الذي تتطلبه مقتضيات الوضع. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تخضع القيود على الحق في حرية التعبير للاختبار المنصوص عليه في المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وهذا يعني أنها يجب أن تكون متناسبة وضرورية للغاية في تلك الظروف.

نخشى أن الحالات المحددة في مشروع القانون والتي بموجبها يمكن تفعيل حالة الطوارئ لا تفي بالحدود اللازمة المحددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما يمثل مشروع القانون إشكالية من ناحية المراقبة الديمقراطية، حيث يمكن للرئيس إعلان تمديد حالة الطوارئ دون حاجة للحصول على موافقة البرلمان. وفي نفس السياق، لا يشير المشروع إلى التزام تونس بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بإبلاغ الدول الأطراف الأخرى، عبر وساطة الأمين العام للأمم المتحدة، "بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك".

يتضمن مشروع القانون حاليا إشارة إلى المادة 49 من الدستور التونسي، والتي تنص على أن أي قيود "يجب ألا تمس جوهر هذه الحقوق"، إلا أن منا لحقوق الإنسان و Article 19 Middle East & North Africa تعتقدان أن تدابير الطوارئ المنصوص عليها في مشروع القانون تتعارض مع هذا الالتزام.

لا يزال مشروع القانون المعدل يحتوي على قائمة من التدابير الاستثنائية التي تمنح الجهاز التنفيذي سلطة تقديرية واسعة للتخلي عن التزامات تونس في مجال حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، يمنح القانون للحكام الإقليميين سلطة حظر أي إضراب أو مظاهرة يُعتقد أنها تهدد النظام العام دون إذن من المدعي العام، ويُطلب منهم فقط إخطاره بقرارهم.

تتمتع وزارة الداخلية، بموجب مشروع القانون المعدل، بسلطات استثنائية لوضع أي شخص تحت الإقامة الجبرية أو المراقبة الإلكترونية أو الإدارية إذا ما اعتبرت أن "أنشطته تشكل خطرا على الأمن" دون الحصول على أمر من المحكمة. وهنا مرة أخرى، يتعين فقط إبلاغ المدعي العام بالقرار، وفي مرحلة لاحقة. كما قد تقوم وزارة الداخلية بتعليق الجمعيات على أسس فضفاضة، مثل "الاشتباه في تقويض النظام العام والأمن أو عرقلة عمل السلطات".

التجديد المتواصل لحالة الطوارئ منذ عام 2015

تشكل الثغرات الواردة في مشروع القانون مصدر قلق بالنظر إلى الاستخدام التعسفي للحكومة لصلاحيات الطوارئ منذ الإعلان عنها في نوفمبر 2015. وقد تم تمديد العمل بهذا القانون منذ ذلك الحين بشكل مستمر، وكان آخره في 3 مايو 2019.

أكد المقرر الخاص بعد زيارة قطرية قام بها إلى تونس مطلع عام 2017 ، أن "صلاحيات الطوارئ الممنوحة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 78-50 لمؤسسات إنفاذ القانون تؤثر بشكل كبير على التمتع الكامل بمعايير حقوق الإنسان الدولية  بما في ذلك تلك التي قبلتها تونس، ولا سيما الحق في حرية التنقل، والحق في مغادرة البلد والحق في الخصوصية، وكذلك الحق غير القابل للانتقاص في الطعن في هذه القيود أمام المحكمة، وحظر الحرمان التعسفي من الحرية وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة".

كما أشار المقرر الخاص إلى أن "التمديد الروتيني لحالة الطوارئ [...] يرقى إلى حالة الطوارئ الدائمة ، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي

آخر الأخبار