منّا لحقوق الإنسان تسلط الضوء على انتشار ممارسة الاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة في إدعاء عام أمام الأمم المتحدة

19 أغسطس 2022

قدمت منّا لحقوق الإنسان ادعاءً عاماً إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي يسلط الضوء على العقبات التي تحول دون تنفيذ إعلان عام 1992 بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة.

Mathias Apitz, licensed under CC BY-ND 2.0.

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً حاداً في عدد حالات الاختفاء القسري في دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى انتشار هذه الممارسة في الدولة. في كثير من الحالات، تسعى ممارسة الاختفاء القسري في الإمارات على وجه التحديد إلى استهداف وإسكات الأصوات المعارضة، لا سيما أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين الذين انتقدوا علناً سياسات الحكومة.

عندما تكون هناك مخاوف بشأن ممارسة الاختفاء القسري في بلد معين، يمكن تقديم ادعاء عام إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي (WGEID) ، والذي يتم إرساله بعد ذلك إلى الدولة مع دعوة للتعليق. في مذكرتها إلى فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في 18 أغسطس 2022 ، إدعت منّا لحقوق الإنسان أنّ (1) التشريع الحالي لا يوفر حماية كافية ضد الاختفاء القسري، (2) عدم الرقابة وتركيز السلطة المطلق والمتزايد مع جهاز أمن الدولة(SSA)  التي ساهمت في ثقافة الإفلات من العقاب، و (3) القواعد والممارسات المتعلقة بالتحقيق تشجع ارتكاب حالات الاختفاء.

ممارسة منتشرة

على الرغم من أن النطاق الكامل للاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة تحجبه ثقافة السرية، فإن المعلومات التي يمكن الوصول إليها تشير إلى اتجاه واضح فيما يتعلق بالاعتقال السري بمعزل عن العالم الخارجي.

ويحدد الادعاء كيف تتبع الاعتقالات التي ينفذها جهاز أمن الدولة نمطاً محدداً. يتم إعتقال الضحايا في منازلهم من قبل جهاز أمن الدولة، الذين في كثير من الأحيان يرتدون ملابس مدنية، بدون تقديم مذكرة توقيف. ثم يتم نقل الضحايا إلى مرفق اعتقال سري حيث يتم إخفاؤهم قسرياً في أي مكان بين بضعة أسابيع وعدة أشهر. في كثير من الحالات، "يظهر" الضحايا من أجل توجيه تهم إليهم وتقديمهم للمحاكمة. تشير الحالات إلى أن ممارسة الاختفاء القسري تتم في الغالب ضد سجناء الرأي المتهمين بجرائم أمن الدولة وفي سياق النزاع المسلح في اليمن.

تشير الحالات الموثقة أيضاً إلى أن ممارسة احتجاز الأفراد بمعزل عن العالم الخارجي في الإمارات العربية المتحدة، في كثير من الحالات، ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري لأنها تتميز بنقص المعلومات الرسمية المتعلقة بمكان وجود الفرد، وسوء المعاملة والتعذيب (في كثير من الأحيان كوسيلة للاستجواب)، وعدم الحصول على تمثيل قانوني. نظراً لأن العديد من ضحايا الاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة هم من الرعايا الأجانب، فقد أكد الادعاء العام أيضاً على حرمانهم من حقهم في الحماية القنصلية.

كما تم تسليط الضوء في الادعاء على الاختفاء القسري في سياق النزاع المسلح في اليمن، وتحديداً شبكة مواقع الاعتقال السرية التي تحتفظ بها الإمارات والجماعات المسلحة اليمنية التي تدعمها، حيث تحدث انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحبس بمعزل عن العالم الخارجي والإحتجاز السري.

كما إدعت منّا لحقوق الإنسان أن الافتقار إلى سبل الانتصاف المتاحة للاختفاء القسري، والخوف من الانتقام، يقوضان تنفيذ إعلان عام 1992 بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

المؤسسات والتشريعات

منذ إنشائها، تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بسلطات ونفوذ متزايد باستمرار على الشؤون الأمنية في الدولة، مما يعزز نمطاً واسعاً ومنهجياً في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة.

يوضح الادعاء العام كيف توجد ضمانات قانونية محدودة لمنع الاختفاء القسري في القانون المحلي، وعلى عكس المادة 4 من الإعلان، لا يوجد تجريم محدد للاختفاء القسري في الإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تمت الإشارة أيضاً إلى مخاوف لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة من أن التشريعات الحالية غير كافية وغير محترمة في الممارسة العملية، على النحو المنصوص عليه في الملاحظات الختامية لعام 2022.

يُعرِّف الادعاء جهاز أمن الدولة باعتباره القوة الرئيسية المسؤولة عن جريمة الاختفاء القسري. بذريعة مكافحة الإرهاب، إحدى الصلاحيات الرئيسية لجهاز أمن الدولة، فإن اللغة الغامضة المستخدمة في تشريعات مكافحة الإرهاب في دولة الإمارات العربية المتحدة قد مكّنت من ممارسة جهاز أمن الدولة طويلة الأمد لانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك الاختفاء القسري، كوسيلة لقمع الخصوم السلميين.

بالإضافة إلى ذلك، لا تضمن التشريعات الإماراتية حق المعتقلين في الاتصال بالعالم الخارجي، حيث تنص على حالات مختلفة يمكن فيها تقييد هذا الحق. على سبيل المثال، يشير الادعاء أيضاً إلى أن قانون أمن الدولة لعام 2003 ينص على فترات احتجاز خاصة به، ويتفوق على تطبيق قانون الإجراءات الجنائية ويمكّن جهاز الأمن الدولة من احتجاز الأفراد بمعزل عن العالم الخارجي لمدة تصل إلى 60 يوماً، والتي يمكن تجديدها لفترة أخرى من 30 يوماً  قبل عرضهم على النيابة العامة.

أخيراً، تم التأكيد على أنه من خلال عدم التصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ("نظام روما الأساسي") والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري(ICPPED) ، لا تزال هناك أسس قانونية محدودة يمكن من خلالها التحقيق في جريمة الاختفاء القسري ومقاضاة الجناة في البلاد.

التوصيات

في الادعاء العام، أوصت منّا لحقوق الإنسان الإمارات العربية المتحدة بمنع ارتكاب الاختفاء القسري من خلال (1) إدخال تشريعات وطنية تحظر الاختفاء القسري، (2) اعتماد جميع التدابير اللازمة لضمان عدم احتجاز أي شخص محروم من حريته في الاعتقال السري، بكفالة جميع الضمانات القانونية الأساسية في القانون والممارسة، بما في ذلك في الحالات التي يُزعم أنها تتعلق بأمن الدولة، (3) إلغاء جميع المواد القانونية التي تسمح بوضع الأفراد في الحبس الانفرادي لفترات طويلة من الزمن، (4) ضمان الحق في المثول أمام القضاء وكذلك الوصول إلى مستشار قانوني منذ لحظة الاعتقال، (5) إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية لضمان استقلال القضاء، و(6) إدخال تشريعات تحمي الشهود والأشخاص الآخرين الذين يقدمون تفسيرات فيما يتعلق في التحقيقات في الاختفاء القسري أوالمشاركة فيها. كما تمت التوصية بأن تصدق الإمارات العربية المتحدة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ونظام روما الأساسي.

آخر الأخبار