رسالة مفتوحة إلى رئيس مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة بشأن العلاقة الإشكالية مع السلطات السعودية

29 أكتوبر 2025

وجهت منظمة منّا لحقوق الإنسان ومنظمة القسط لحقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى السيد ألكسندر زويف، الأمين العام المساعد الجديد لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أعربتا فيها عن مخاوفهما بشأن حقوق الإنسان فيما يتعلق بعلاقة مكتب الأمم المتحدة بالسلطات السعودية ورئاسة أمن الدولة.

©Shutterstock: ID 2535940885.

22 أكتوبر 2025

إلى: السيد ألكسندر زويف
 الوكيل الأمين العام بالإنابة لمكافحة الإرهاب
 رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب 
 المدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب

 

الموضوع: مخاوف عاجلة بشأن علاقة مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالسلطات السعودية ورئاستها لأمن الدولة

 

عزيزي السيد زوييف

 

نحن، منظمة القسط لحقوق الإنسان الرائدة في مجال حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ومنظمة منّا لحقوق الإنسان للدفاع القانوني ومقرها جنيف، نكتب إليكم للتعبير عن قلقنا البالغ بشأن العلاقة الإشكالية بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع السلطات السعودية ورئاسة أمن الدولة، فيما يتعلق بإساءة استخدامهما المنهجي لأطر مكافحة الإرهاب لارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

 

الخلفية والمراسلات السابقة

 

في 14 يوليو 2025، أعربنا عن هذه المخاوف لسلفكم، السيد فلاديمير فورونكوف، وللسيد ماورو ميديكو، فيما يتعلق بعلاقات مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع رئاسة أمن الدولة السعودية.

وقد وجدنا أن الرد الذي تلقيناه غير كافٍ، حيث لم يقدم سوى تأكيدات عامة حول الالتزام بالاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، دون معالجة أي من مخاوفنا المحددة أو تقديم التوضيحات التي طلبناها.

إن تعيينك في منصب وكيل الأمين العام بالنيابة، فضلاً عن المراجعة المرتقبة للاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، يمثلان فرصة حاسمة لإعادة تقييم هذه العلاقات ومواءمة عمليات مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع التزامات الأمم المتحدة الأساسية في مجال حقوق الإنسان.

 

الانتهاكات المنهجية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب

 

انتقدت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة قانون المملكة العربية السعودية بشأن مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله لعام 2017 لأنه يحتوي على تعريفات واسعة للغاية ويمنح "سلطات غير مقيدة تقريباً لجهاز الأمن العام في مجال مكافحة الإرهاب" مع "نطاق واسع للسلطة والسلطة التقديرية".

ومن بين الحالات الأخيرة التي توضح الطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات، حالة الناشطة لحقوق المرأة مناهل العتيبي التي أدينت بـ "جرائم إرهابية" بسبب تغريدات تدعم حقوق المرأة، والصحفي تركي الجاسر الذي أُعدم في يونيو 2025 بتهم إرهابية مزيفة بعد أن أمضى سبع سنوات في مرافق احتجاز تديرها الشرطة.

تُظهر هذه الحالات، من بين حالات أخرى عديدة، كيف تستخدم السلطات السعودية تشريعات مكافحة الإرهاب كسلاح لقمع المعارضة السلمية واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.

 

تأثير السعودية غير المتانسبة والمشكلة

 

كما هو موثق في التحليل الأخير الذي أجرته منظمة منّا لحقوق الإنسان حول تأثير دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيكل مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، فقد حصلت السلطات السعودية على مستوى غير مسبوق من التأثير داخل نظام مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، مما يضر بشكل جوهري باستقلاليته ونزاهته.

كما تعلمون، فإن المملكة العربية السعودية هي أكبر مانح لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمبلغ 110 ملايين دولار، وهو ما يمثل 69٪ من إجمالي مساهمات المركز. تتولى المملكة رئاسة المجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب منذ إنشائه في عام 2011، ويشغل السفير عبد العزيز الوسيل منصب أحد ثلاثة أشخاص فقط مدرجين في قائمة إدارة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب إلى جانبكم أنتم والمدير ماورو ميديكو. وفقًا لتقارير مراجعة الحسابات الصادرة عن الأمم المتحدة، من المتوقع أن تنفد هذه التمويلات بحلول الربع الثاني من عام 2023، مما سيؤدي إلى استمرار اعتماد مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب على المساهمات السعودية من أجل استمراره.

 

التعاون المباشر مع منتهكي حقوق الإنسان

 

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب شارك في أبريل 2025 في تنظيم مائدة مستديرة حول "تأثير التكنولوجيات الجديدة على مكافحة تمويل الإرهاب" مع جهاز الأمن العام السعودي، وهو الجهاز الأمني الرئيسي في المملكة والذراع القمعي الشهير. وتضمنت الجلسة الافتتاحية رفيعة المستوى كلمة ألقاها رئيس جهاز الأمن والسياسة العامة عبد العزيز بن محمد الحويريني، الذي تورط بشكل مباشر في جريمة القتل البشعة للصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، كما أكد ذلك التحقيق الذي أجرته المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة أغنيس كالامار. كما تدير قوات الأمن الخاصة حوالي 20 سجناً ومركز احتجاز سرياً، وتقود حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضين السلميين منذ عام 2017.

ويثير هذا التعاون قلقًا أكبر نظرًا للغياب التام لاستشارة المجتمع المدني أو مشاركته، مما يعكس نمطًا منهجيًا أوسع نطاقًا لاستبعاد المجتمع المدني من هيكل الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، كما وثّقته الدراسة العالمية للمقررة الخاصة السابقة فيونوالا ني أولين والمجتمع المدني. كما أنه يتعارض مع ما ورد بوضوح في الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة من أن جهود مكافحة الإرهاب التي تهمل سيادة القانون وترتكب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان هي جهود غير فعالة.

 

أسئلة للقيادة الجديدة

نظراً لتعيينكم مؤخراً وعدم كفاية الرد على مراسلاتنا السابقة، نطلب منكم بشكل عاجل توضيح ما يلي:

 

العلاقة مع مركز مكافحة الإرهاب: ما هو الأساس المنطقي لتعاون مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع السلطات السعودية، وكيف تم دمج الاعتبارات المتعلقة بحقوق الإنسان في مجال مكافحة الإرهاب في هذه العلاقة؟ وبالنظر إلى المستقبل، ما هي طبيعة العلاقة المخطط لها بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والسيد الحويريني على وجه التحديد؟ هل ستنهي كل أشكال التعاون مع هذه الجهة بالنظر إلى انتهاكاتها الموثقة لحقوق الإنسان؟

 

تدابير الاستقلالية: ما هي التدابير الملموسة التي ستنفذونها لضمان استقلالية مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب/مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب عن السلطات السعودية، بالنظر إلى اعتماد المركز الشديد على التمويل السعودي وتأثير المملكة غير المتناسب في هياكل الإدارة؟

 

الامتثال لحقوق الإنسان: ما هي الخطوات المحددة التي ستتخذونها لمعالجة المخاوف الموثقة للمجتمع المدني وهيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب؟

 

مراجعة السياسات: هل ستجري مراجعة شاملة لجميع الشراكات والتعاون مع الدول التي تنتهك بشكل منهجي أطر مكافحة الإرهاب لانتهاك حقوق الإنسان، بدءاً من المملكة العربية السعودية؟

 

الإطار الاستراتيجي: مع استمرار تطوير الإطار الاستراتيجي الجديد لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب  واقتراب موعد مراجعة الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، كيف ستضمن إعطاء أولوية حقيقية لإدماج المجتمع المدني وحقوق الإنسان والحريات الأساسية باعتبارها قضايا شاملة، بدلاً من تهميشها أو معاملتها كاعتبارات ثانوية؟

 

نحثكم على استغلال فرصة تعيينكم لإعادة تقييم علاقات مكتب الأمم المتحدة لشؤون مكافحة الإرهاب بشكل جذري وضمان عمل المكتب في امتثال تام للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهذا يتطلب إنهاء التعاون مع كيانات مثل رئاسة أمن الدولة التي تسيء استخدام تدابير مكافحة الإرهاب بشكل منهجي لانتهاك حقوق الإنسان، بغض النظر عن مساهماتها المالية. وعلى أقل تقدير، ينبغي إعادة تقييم هذا التعاون بشكل نقدي وإعادة تشكيله بالتشاور الفعال مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان والتي لديها خبرة في سجل السلطات السعودية المثير للقلق الشديد في مجال حقوق الإنسان المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

 

تعتمد مصداقية ونزاهة هيكل الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب على استعدادكم لإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان على الاعتبارات المالية ومحاسبة أولئك الذين يسيئون استخدام أطر مكافحة الإرهاب لارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

ونتطلع إلى ردكم الموضوعي على هذه المخاوف ونطلب عقد اجتماع لمناقشة هذه القضايا الحاسمة بشكل مباشر.

مع خالص الشكر والتقدير

 

منظمة القسط لحقوق الإنسان و منظمة منّا لحقوق الإنسان.

--

1  لتسهيل الرجوع إليها، كان الرد الذي تلقيناه كما يلي:

"(...) نقدر سماع آرائكم حول تعاون مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع المملكة العربية السعودية.

يتمتع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بصفته مكتباً تابعاً للأمانة العامة للأمم المتحدة، بولاية دعم التنفيذ المتوازن للاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، وقيادة الجهود المبذولة في إطار هيكل الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لضمان الاتساق والتنسيق في دعم الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب ومنع ومكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب.

ويتمثل جزء من هذه الجهود في العمل على تعزيز التعاون والتنسيق مع جميع الدول الأعضاء والجهات المعنية الأخرى من خلال مستويات مختلفة من المشاركة. ونتيجة لذلك، يعمل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع جميع الدول الأعضاء لتعزيز هذه الأهداف، لا سيما من خلال توفير مبادرات بناء القدرات. وفي إطار هذه الجهود، يسعى مكتب الأمم المتحدة لشؤون منع الإرهاب ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب إلى ضمان أن تستند استجاباتنا إلى سيادة القانون وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.

وسنواصل إجراء هذه المناقشات الهامة مع الدول الأعضاء والشركاء، مع التركيز على أهمية الركيزة الرابعة من الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، مع تسليط الضوء في الوقت نفسه على الأهمية المركزية لحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين باعتبارهما قضيتين شاملتين. (...)"

آخر الأخبار