الاستعراض الدوري الشامل للمغرب: هل سيكون فرصة للسلطات لمعالجة التراجع المستمر في حقوق الإنسان؟

06 أبريل 2023

في 8 نوفمبر 2022، عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الرابعة للاستعراض الدوري الشامل للمغرب. الاستعراض الدوري الشامل هو آلية مراجعة النظراء، التي تقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من خلالها توصيات لتحسين سجل حقوق الإنسان في الدول قيد المراجعة. في مارس 2022 وقبل المراجعة، قدمت منّا لحقوق الإنسان تقرير مواز يحدد مجموعة من التوصيات.

Human Rights Council - 18th Session © UN Photo/Jean-Marc Ferré, licensed under CC BY-NC-ND 2.0.

بعد الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل، أبلغ المغرب مجلس حقوق الإنسان بقراره قبول 232 توصية من أصل 306 توصية تلقاها. قبل المغرب معظم التوصيات المتعلقة بحظر التعذيب واستقلال القضاء وحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ معظم هذه التوصيات، ولا يزال سجل المغرب في هذه القضايا مقلقاً للغاية.

التعذيب وسوء المعاملة

وقدمت ثلاث دول توصيات تتعلق بحظر التعذيب وسوء المعاملة، لم تُقبل المغرب إحدى هذه التوصيات. على الرغم من قبول المغرب لتوصية إندونيسيا "بمواصلة الجهود لتحقيق تقدم ملموس لمنع جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك أثناء الاعتقال والاستجواب والاحتجاز"، لم تقبل السلطات "اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز الوصول إلى العدالة والإنصاف الفعال للفئات الضعيفة، بما في ذلك الأقليات وضحايا التعذيب".

وهذا أمر مثير للقلق بشكل أكبر، بالنظر إلى حقيقة أن المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان أعلن أن "المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في المغرب والصحراء الغربية لا يزالون [...] يتعرضون لمعاملة قاسية ولاإنسانية ومهينة ولتعذيب ".

ظهرت تقارير أخرى عن الانتهاكات في السنوات الأخيرة. في قضية مقلقة منذ عام 2019 ، أخضعت السلطات المغربية الصحفية هاجر الريسوني لفحص جسدي جائر غير رضائي، وهو ما يشكل انتهاكاً لحظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وحُكم عليها في 2 أكتوبر 2019 بتهمة "الإجهاض غير القانوني" و"العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج". وأُطلق سراحها لاحقاً بعد حصولها على عفو ملكي.

في الآونة الأخيرة في تاريخ 23 يونيو 2022، لقي 23 رجلاً إفريقياً على الأقل مصرعهم على الحدود الإسبانية المغربية في مليلة، بسبب الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن المغربية، بما في ذلك الضرب. وقع الحادث عندما حاول حوالي 2000 شخص دخول إسبانيا عن طريق تسلق سياج مقفلٍ بالسلاسل المحيطة بالجيب الإسباني.

حظر الإعادة القسرية

وأثناء الاستعراض، أوصت كندا المغرب "بمراجعة القانون رقم 02-03 لضمان احترام حقوق المهاجرين والأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم وطالبي اللجوء واللاجئين في جميع الأوقات، وفقاً للقانون الدولي". ورددت السنغال ذلك من خلال توصية المملكة "بمواصلة الجهود لوضع اللمسات الأخيرة على قانون اللجوء وفقاً للمعايير الدولية".

في حين قبل المغرب هاتين التوصيتين، فإنه ينتهك باستمرار الالتزام بعدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي هو طرف فيها.

في عام 2021، سلم المغرب أسامة الحسني إلى السعودية حيث هو مسجون حالياً، وذلك على الرغم من طلب لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة تعليق التسليم. وبالمثل في فبراير 2023، سلم المغرب فعلياً حسن آل ربيع، وهو عضو في الأقلية الشيعية السعودية، إلى المملكة العربية السعودية مما عرضه لخطر انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.

أخيراً، لا يزال طالب اللجوء الأويغور يديريسي إيشان تحت تهديد التسليم من المغرب إلى الصين، وذلك منذ اعتقاله عند وصوله إلى المغرب في يوليو 2021. في وقت لاحق من ذلك العام، وافقت محكمة النقض في الرباط على تسليمه، متجاهلة بشكل صارخ مخاطر التعذيب التي قد يواجهها في الصين بالنظر إلى الوضع الحالي لحقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي، حيث تم توثيق الانتهاكات المنهجية والواسعة النطاق ضد أقلية الأويغور.

استقلال القضاء

وأوصت سبعة بلدان بأن يعزز المغرب جهوده لإصلاح النظام القضائي، لكن أستراليا فقط هي التي ذكرت صراحة استقلال القضاء. ودعت المملكة إلى "ضمان ودعم استقلالية القضاء التام وحياده، وضمان عدم تعرض القضاة للضغوط الخارجية والتدخل في أداء مهامهم"، وهي التوصية التي قبلها المغرب.

على الرغم من قبول المغرب لجميع التوصيات السبع، إلا أن القضاء لا يزال تحت تأثير كبير من السلطة التنفيذية. ويرجع ذلك أساساً إلى أن الملك هو الرئيس الوحيد للمجلس الأعلى للقضاء. علاوة على ذلك، غالباً ما تفشل المحاكم في إصدار أحكام عادلة ومتوازنة. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تتم محاكمة المعارضين الذين يمثلون أمام المحاكم المغربية، بتجاهل تام لضمانات المحاكمة العادلة.

حرية التعبير في عصر المراقبة الإلكترونية

توصي خمس عشرة دولة عضو بضمان حرية التعبير والرأي والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بما في ذلك تعديل التشريعات ذات الصلة. على سبيل المثال، حثت هولندا المغرب على "مراجعة مواد قانون العقوبات المتعلقة بحرية التعبير، بما يتوافق مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

على الرغم من قبول هذه التوصيات، يواصل القانون المغربي معاقبة جرائم التعبير السلمي. على الرغم من أن قانون المطبوعات والنشر لا ينص على أحكام بالسجن كعقوبات على جرائم التعبير، فإن قانون العقوبات ينص على عقوبات بالسجن لمجموعة من الجرائم التي تعتبر "خطوطاً حمراء" مثل إهانة الملك أو أفراد أسرته، المساس بالنظام الملكي أو الإسلام أو وحدة أراضي المغرب.

علاوة على ذلك، واستجابة لتوصية قدمتها الولايات المتحدة، وافق المغرب على "ضمان عدم محاكمة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الأفراد أو احتجازهم لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي أو تكوين الجمعيات، وضمان عدم محاكمة جميع الأفراد، والحصول على ضمانات المحاكمة العادلة ".

في السنوات الأخيرة، شهد المغرب نمطاً من الاعتقالات والمضايقات القضائية وسجن الصحفيين والنشطاء والسياسيين المستقلين بسبب كتاباتهم النقدية وعملهم، بتهم ملفقة بما في ذلك "الاعتداء الجنسي" و "خدمة أجندة خارجية"، أو "غسيل الأموال".

في يوليو 2021، حُكم على سليمان الريسوني، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، بالسجن خمس سنوات بتهمة الاعتداء الجنسي. في سبتمبر 2019، حُكم على ابنة أخته هاجر الريسوني وهي أيضاً صحفية في الجريدة، بالسجن لمدة عام بتهمة "الإجهاض غير القانوني" و "الفجور".

في عام 2019 ، حكم على المدير السابق لجريدة أخبار اليوم، توفيق بوعشرين، في الاستئناف بالسجن 15 عاماً بتهم "الاتجار بالبشر" و"إساءة استخدام السلطة لأغراض جنسية" و"الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب". في يوليو 2021، حُكم على الصحفي الاستقصائي عمر الراضي بالسجن 6 سنوات بتهم متعددة، بما في ذلك التجسس واغتصاب زميلة في العمل.

في يناير 2021، حُكم على المدافع عن حقوق الإنسان المعطي منجب بالسجن لمدة عام بتهمة "المساس بالسلامة الداخلية للدولة" و"الاحتيال". وفي وقت إدانته، كان محتجزاً على ذمة المحاكمة بتهم اختلاس منفصلة.

في الآونة الأخيرة وتحديداً في نوفمبر 2022، حُكم على محامي حقوق الإنسان محمد زيان في 11 تهمة بالسجن ثلاث سنوات. وقد أصبح زيان ينتقد بشكل متزايد جهاز الأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ودافع علانية عن المعارضين والصحفيين المسجونين مثل توفيق بوعشرين وناصر الزفزافي.

على الرغم من أن العديد من الدول أوصت بإنشاء "بيئة آمنة ومواتية للمجتمع المدني"، إلا أنه من المؤسف عدم قيام أي دولة عضو بالتصدي لاستخدام المراقبة الإلكترونية ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. كان من الممكن أن يكون هذا مهماً بشكل خاص حيث تم الاستشهاد بالمغرب كواحد من عملاء مجموعة NSO الإسرائيلية عندما ظهرت فضيحة برنامج بيغاسوس في عام 2016.

حرية تكوين الجمعيات

قبل المغرب جزئياً توصية قدمتها الولايات المتحدة تحث الحكومة على "الموافقة على طلبات الترخيص لجميع الجمعيات غير الحكومية التي تسعى إلى التسجيل وفقاً للقانون، بما في ذلك المنظمات التي تدافع عن أفراد الأقليات، وإصدار إيصالات رسمية للمنظمات غير الحكومية فور تقديم الطلب التسجيل."

على الرغم من قبول هذه التوصية جزئياً، تجدر الإشارة إلى أن التشريع الذي ينظم الحق في إنشاء الجمعيات يحتوي على مصطلحات فضفاضة وغامضة يمكن استخدامها لعرقلة إنشائها.

في ديسمبر 2018، أمرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بحل جمعية جذور، وهي منظمة ثقافية سبق لها أن استضافت برنامجاً حوارياً على شبكة الإنترنت يدعى "1 Dîner 2 Cons" (عشاء وغبيان)، حيث ناقش المشاركون بشكل نقدي خطابات الملك وسياساته. وزعمت السلطات أن المجموعة "نظمت نشاطاً يتضمن مقابلات تتخللها تهم جنائية واضحة تجاه المؤسسات (... وفيها) تم التعبير عن آراء سياسية بعيدة جداً عن الأغراض التي تم إنشاء الجمعية من أجلها".

خاتمة

بعد الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل، على المغرب أن ينفذ بشكل فعال التوصيات التي قبلها. وبشكل أكثر تحديداً، ندعو السلطات إلى الامتثال لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وإلغاء القوانين التي تقيد الحق في حرية التعبير والسماح للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بتنفيذ أنشطتهم دون خوف من الانتقام. كما ينبغي للسلطات أن تكف عن استخدامها للمراقبة الإلكترونية ضد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.

آخر الأخبار