حذرت كلا من منظمة "مينا" لحقوق الإنسان، والمركز العماني لحقوق الإنسان والديمقراطية، اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد، قبيل استعراض المقرر لشهر مارس القادم، من أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في سلطنة عُمان، اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، لم تف بواجباتها في حماية حقوق الإنسان في عمان. حيث حثّت المنظمتان اللجنة الفرعية على منح اللجنة العمانية لحقوق الإنسان "التصنيف ب"، وذلك كونها كيان غير مستقل عن الحكومة العمانية وغير فاعلة.
حيث أنه وفي الفترة ما بين 25 و 29 مارس 2024، ستقوم اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد (SCA) في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI) بتقييم اللجنة العمانية لحقوق الإنسان (OHRC) واتخاذ قرار بشأن إعادة اعتمادها. ويستند هذا الاعتماد على عملية "مراجعة بين النظراء" لتقييم مدى امتثال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (NHRIs) لمبادئ باريس، التي تحدد معايير الحد الأدنى التي يجب أن تلتزم بها هذه المؤسسات "حتى يتم اعتبارها موثوقة وفعّالة". كما أن أركان هذه المبادئ هي التعددية والاستقلالية والفعالية. بمعنى أنه يجب أن تكون مؤسسات حقوق الإنسان مستقلة عن الحكومة، وتمثل المجتمع المدني وتتعاون معه، وتعزز حقوق الإنسان بفعالية من خلال رصد الانتهاكات ومعالجتها.
وكان آخر استعراض وتقييم لـ اللجنة العمانية لحقوق الإنسان من قبل اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد (SCA) في نوفمبر 2013، حيث تم منحها التصنيف "ب"، وهو ما يشير إلى توافقها الجزئي مع مبادئ باريس المذكورة أعلاه. ومنذ ذلك الحين، استطاعتا كلا من المنظمتين، "مينا" لحقوق الإنسان والمركز العماني لحقوق الإنسان والديمقراطية، من الحصول على معلومات موثوقة ومواد كافية تظهر أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان لا تلتزم بشكل كافٍ بهذه المبادئ. واستنادا على ذلك، توجهت المنظمتان برسالة إلى اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد، طالبتا فيها بعدم منح اللجنة العمانية لحقوق الإنسان التصنيف "أ".
أولاً، اللجنة العمانية لحقوق غير مستقلة ولا تلتزم بهذا المبدأ. تم إنشاء اللجنة في عام 2008 بموجب مرسوم سلطاني، رقم 124/2008، أصدره السلطان السابق قابوس بن سعيد، 1971 – 2020م، والذي كان يتمتع بسلطة تشريعية مطلقة. ونصّ المرسوم حينها على تعيين كافة أعضاء اللجنة من قبل السلطان نفسه دون أي رقابة خارجية ومستقلة. لم تتضمن عملية التعيين أي وضوح أو شفافية، كما أن المعايير التي اعتمدت لم تذكر مستوى خبرة أو مؤهلات تعليمية محددة. وهو ما يتناقض مع مبادئ باريس ويبين بشكل واضح عدم استقلالية اللجنة عن الحكومة.
عدم الاستقلالية يتضح بشكل جلي في تركيبة اللجنة الحالية، حيث أنه وعلى الأقل خمسة من الأعضاء الحاليين عملوا لدى الحكومة سابقا قبل وقت تعيينهم في اللجنة. على سبيل المثال لا الحصر، فإن الرئيس الحالي عمل سابقًا في شرطة عمان السلطانية وكذلك في الادعاء العام. إضافة على ذلك، فإن نائب الرئيس الحالي عمل سابقًا في الادعاء العام، وكان من ضمن فريق التحقيق في قضية رأي تتعلق بمدافعين عن حقوق الإنسان في عام 2012، والتي نتج عنها الحكم بسجن العشرات من المدافعين والناشطين.
كذلك وفيما يخص فعالية اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، فقد فشلت في حماية حقوق الإنسان، لا سيما حق حرية الرأي والتعبير وحق الخصوصية. أولاً، لم تقدم اللجنة أي توصيات فيما يتعلق بالمواد المثيرة للجدل في قانون الأمن الداخلي الصادر عام 2020. يمنح هذا القانون سلطات غير مقيدة لجهاز الأمن الداخلي لاعتقال واحتجاز أي شخص بسبب أفعال قد تندرج تحت حق حرية الرأي والتعبير. ثانيًا، لم تتطرق اللجنة مطلقا إلى إنشاء مركز الدفاع الإلكتروني، الذي يديره جهاز الأمن الداخلي، والذي يمكن السلطات من الوصول أو التجسس على أجهزة الأفراد الإلكترونية الخاصة.
وبعد مقارنة تقارير اللجنة السنوية مع انتهاكات حقوق الإنسان في عمان المُبلغ عنها من قبل المجتمع المدني، يمكننا الاستنتاج بأن اللجنة قد فشلت في التصدي لها. في الواقع، استهدفت السلطات العمانية، ممثلة في جهاز الأمن الداخلي، العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وغيرهم من المواطنين. ولوحظ أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان ظلت صامتة بشأن هذا الاستهداف. في مارس 2022، تم اعتقال الصحفي والناشط الحقوقي المختار الهنائي وتم توجيه اتهامات له بموجب المادة 294 من قانون الجزاء العماني بعد نشره تغريدة على منصة إكس، تويتر سابقا، تتعلق بقضية فساد شملت مسؤولين حكوميين. وكذلك في يونيو 2020، اعتقل الناشط والمدون عوض الصوافي بسبب تغريدات انتقد فيها الحكومة العمانية، وحكم عليه بالسجن لمدة عام لانتهاك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. كما صدرت أحكاما بالسجن في حالات أخرى الحالات الأخرى بسبب مقالات انتقدت القضاء وكشفت الفساد الحكومي. إضافة إلى ذلك، الؤقابة الشاملة والشديدة على العمل الصحفي والذي نتج عنه إغلاق جريدة الزمن في 2016 وسجن عدد من محرريها وحجب موقع شبكة مواطن الإلكتروني. أحد الحالات البارزة هي قضية الناشط والدبلوماسي السابق حسن البشام، الذي توفي في السجن في أبريل 2018 نتيجة للإهمال الطبي، بعد أن حُكم عليه في عام 2016 بالسجن بـسبب استخدام الإنترنت في "الإضرار بالقيم الدينية" و"الإساءة إلى السلطان".
هذا، وبناء على ما سبق، تحث كلا من المنظمتين، مينا لحقوق الإنسان والمركز العماني لحقوق الإنسان والديمقراطية، على أن تمتنع اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد عن ترقية وضع اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، أو على الأقل، إعادة اعتمادها في التصنيف "ب".
يجب على اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أن تظهر استقلالها الكامل عن الحكومة العمانية في ممارسة واجباتها، إلى جانب ضمان عدم تحيّزها في كافة الظروف بما يتيح الاستفادة من ثقة المواطنين والمجتمع المدني في عمان.