منا لحقوق الإنسان توجه ادعاء عاما إلى الأمم المتحدة تسلط فيه الضوء على الممارسة المنهجية للاختفاء القسري في المملكة العربية السعودية

24 ديسمبر 2019

رفعت منا لحقوق الإنسان ادعاء عاما  إلى الفريق الأممي العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي  تبرز فيه العوائق التي تحول دون تنفيذ الإعلان العام لسنة 1992 بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المملكة العربية السعودية.

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا حادًا لعدد حالات الاختفاء القسري، مما يدل على أن هذه الممارسة أصبحت واسعة الانتشار في السعودية. يختفي بعض الأفراد لفترات قصيرة بعد اعتقالهم في حين يظل البعض الآخر مختفيا لعدة أشهر أو سنوات، تُحرم خلالها أسرهم من الحصول على أي معلومات عن مصيرهم ومكان وجودهم. وبالإضافة إلى ذلك تواجه السلطات المظاهرات السلمية أوالتعبير عن الرأي بالتوقيف والاعتقالات المنهجية. وتعرض العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان و الصحفيين و كل الذين انتقدوا سياسات الحكومة علناً ، للاختفاء القسري كأحد أشكال الانتقام ووسيلة لكتم أصواتهم.

عندما تكون هناك مخاوف بشأن ممارسة الاختفاء القسري في دولة ما، يمكن تقديم ادعاء عام إلى الفريق الأممي العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، والذي يتم بعد ذلك إحالته إلى الدولة المعنية للتعليق عليه. في تقريرها المقدم إلى فريق خبراء الأمم المتحدة في 20 ديسمبر 2019، أشارت منا لحقوق الإنسان في ادعائها إلى أن التشريع الحالي لا يوفر حماية كافية ضد الاختفاء القسري، (2) وقد ساهم تركيز السلطة المتزايد وغير المقيد مع السلطة الملكية لثقافة الإفلات من العقاب، و (3) القواعد والممارسات المتعلقة بالتحقيق إلى التشجع على ارتكاب الاختفاء.

ممارسة منهجية

على الرغم من أن اتساع نطاق الاختفاء القسري في السعودية مغلف بالسرية، إلا أن المعلومات التي تم الوصول إليها تشير إلى وجود توجه واضح لممارسة الاختفاء القسري على المدى القصير والطويل.

يحدد الادعاء كيف تتبع عمليات الاعتقال التي تنفذها أجهزة الاستخبارات نمطًا محددًا؛ فغالبًا ما يتم القبض على الضحايا من قبل ضباط بملابس مدنية لا يقدمون أمر اعتقال ولا يشرحون أسباب ذلك. ثم يتم نقلهم إلى أماكن مجهولة حيث يتم إخفاءهم قسراً ما بين بضعة أيام وعدة سنوات. تشير الحالات إلى أن جريمة الاختفاء القسري، في كثير من الحالات، تُرتكب بصورة منهجية في السعودية من أجل الحصول على اعترافات بالإكراه، تُستخدم فيما بعد كدليل وحيد لتوجيه الاتهام للأفراد ومعاقبتهم لاحقا. وتسهل ثقافة الإفلات من العقاب هذه الممارسات، مما يحول دون تنفيذ الإعلان.

توضح الحالات الموثقة أيضًا إلى أن ممارسة احتجاز الأفراد بمعزل عن العالم الخارجي في السعودية، أنها في كثير من الأحيان بمثابة اختفاء قسري لأنها تتميز بشح المعلومات الرسمية المتعلقة بمكان وجود الفرد وسوء المعاملة والتعذيب (غالبًا ما تكون وسيلة للاستجواب)، وعدم الوصول إلى التمثيل القانوني. وشددت منا في ادعائها العام على إخفاق قاعدة بيانات السجناء عبر الإنترنت (نافذة) في الوفاء بما جاء في المادة 10 من الإعلان.

كما أبلغت منا أن سبل الانتصاف المتاحة والخوف من الانتقام لاتسمح بمعالجة ممارسة الاختفاء القسري، مما يقوض تنفيذ الإعلان.

المؤسسات والتشريعات

يحكم في السعودية نظام ملكي ثيوقراطي مطلق، وأصبحت السلطة مركزية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة نتيجة لإعادة هيكلة جهاز النيابة العامة وأجهزة الأمن في البلاد.

ينبه الادعاء العام إلى محدودية الضمانات في القانون المحلي لمنع حالات الاختفاء القسري، وإلى غياب تعريف محدد يجرم الاختفاء القسري على عكس ما ورد في المادة 4 من الإعلان. وأثارت منا أيضا في ادعائها العام مخاوف لجنة مناهضة التعذيب من أن التشريعات الحالية غير كافية وغير محترمة، على النحو المنصوص عليه في ملاحظاتها الختامية لعام 2016.

علاوة على ذلك، تم استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب على نطاق واسع في السنوات الأخيرة لتجريم مجموعة واسعة من الأفعال، بما في ذلك التي تندرج تحت الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، إضافة إلى حرية الفكر والوجدان والدين.  ولفت الادعاء أيضًا الانتباه إلى أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 يمنح صلاحيات تقديرية كبيرة لرئاسة أمن الدولة والنيابة العامة، مما يسمح بالاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي للأفراد لمدة تصل إلى 90 يومًا (دون أي اتصال بالعالم الخارجي). كما يمنح القانون للمحكمة الجزائية المتخصصة سلطة تمديد فترة الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، بما في ذلك الحبس الانفرادي، مما يعرض الأفراد لخطر الاختفاء.

تطرق الادعاء العام أيضا إلى غياب اليقين القانوني في المملكة العربية السعودية، مما يسهم في خلق مناخ الخوف والرقابة الذاتية. وأكد على أن عدم التصديق على العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لا يترك إلا وسائل محدودة للتحقيق في جريمة الاختفاء القسري ومحاكمة مرتكبيها في المملكة.

توصيات

أوصت منا في ادعائها العام حكومة السعودية بمنع ارتكاب الاختفاء القسري من خلال (1) إدخال تشريع وطني يحظر الاختفاء القسري، (2) اعتماد جميع التدابير اللازمة لضمان عدم احتجاز أي شخص محروممن حريته في السر، مع جميع الضمانات القانونية الأساسية ، (3) إلغاء جميع الأحكام القانونية التي تسمح بوضع الأفراد في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، (4) ضمان الحق في المثول أمام المحكمة فضلاً عن الاتصال بمحام أو مستشار قانوني (5) إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية لضمان وجود محكمة قضائية مستقلة، و (6) إدخال تشريعات تحمي الشهود والأشخاص الآخرين الذين يقومون بالسؤال أو يشاركون في التحقيق في حالات الاختفاء القسري. كما أوصي بأن تصدق المملكة العربية السعودية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ونظام روما الأساسي..

 

آخر الأخبار