تشعر منّا لحقوق الإنسان بقلق بالغ إزاء قضايا حقوق الإنسان المبلغ عنها والناشئة عما يسمى "مدينة الإمارات الإنسانية"، حيث ظل عدد كبير من اللاجئين الأفغان عالقين منذ عامين تقريباً.
وفي سياق سيطرة حركة طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021، تم نقل أكثر من 120 ألف أفغاني جواً من أفغانستان. تم إجلاء الآلاف إلى الإمارات العربية المتحدة. وبعد وصولهم، تم نقلهم إلى مدينة الإمارات الإنسانية ومدينة التصميم العمالية في انتظار تحركهم.
كان المقصود من هذا أن يكون إجراءً مؤقتاً، بحيث يمكن استكمال إجراءات المعالجة قبل إعادة التوطين على المدى الطويل في الولايات المتحدة وكندا. وبينما تمت إعادة توطين العديد منهم، اعتباراً من مارس 2023، ظل ما بين 2100 و2700 لاجئ عالقين في طي النسيان. ما كان من المفترض في البداية أن يكون إقامة قصيرة الأمد في الإمارات العربية المتحدة تحول إلى فترة احتجاز تدوم عامين تقريباً. يثير هذا الوضع العديد من المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، كما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة مشروع الاحتجاز العالمي في مارس 2023.
داخل مدينة الإمارات الإنسانية، وردت أخبار على أنّ حقوق اللاجئين في الخصوصية وحرية التنقل قد انتهكت. وبحسب الإفادات، فإنهم يخضعون للمراقبة بشكل مستمر، ويُمنعون من مغادرة المبنى إلا لحالات قصوى، كما يتم تقييد حركتهم ضمن حدود مدينة الإمارات الإنسانية. وباستثناءات قليلة، ورد أن كاميرات المراقبة منتشرة في كل مكان، كما تم نشر حراس خاصين في كل مبنى.
وبحسب الإفادات، لا يُسمح للاجئين باستقبال الزوار في مدينة الإمارات الإنسانية، مما يؤدي إلى عزلهم عن العالم الخارجي. إن وصول الغرباء إلى مدينة الإمارات الإنسانية محدود وصعب. يزعم العديد من المواطنين الأفغان في مدينة الإمارات الإنسانية أنهم لا يستطيعون استقبال الزوار، حيث قال البعض أنّ أفراد أسرهم لم يسمح لهم بالدخول.
كما أن اللاجئين في مدينة الإمارات الإنسانية غير قادرين على الحصول على الرعاية الطبية والنفسية الكافية، حيث لا يوجد في المجمع سوى عيادة صحية واحدة ترفض في كثير من الأحيان أو لا تستطيع إجراء الاختبارات التشخيصية اللازمة لعلاج المحتجزين. وقد رأى الخبراء الطبيون، الذين قاموا بمراجعة الشهادات المجمعة والسجلات الطبية المحدودة المتاحة، أن الرعاية الطبية غير كافية على الإطلاق، وأعربوا عن انزعاجهم من حرمان الأفغان في كثير من الأحيان من الحصول على الرعاية الطبية خارج الموقع عند الحاجة.
وبحسب ما ورد لا يستطيع الأفراد داخل مدينة الإمارات الإنسانية الحصول على الدواء المناسب؛ تعالج العيادة عادةً معظم الأمراض باستخدام مسكنات الألم ودون تشخيص المشكلات الأساسية. في حين تقول بعض العائلات أن هناك إخصائيا نفسياً أو طبيباً نفسياً في العيادة الصحية، تزعم العديد من العائلات أنه عندما حاولت طلب المساعدة من مقدمي الرعاية الصحية العقلية، لم يكن أي منهم متاحاً.
قدمت منّا لحقوق الإنسان طلباً بإستصدار رأي نيابة عن أحد المعتقلين، بالتعاون مع المحامية الخاصة ماريسا خايمي برايسمان، إلى الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي. وصلت صاحبة الشكوى، نور طاهري (التي تم تغيير اسمها)، إلى مدينة الإمارات الإنسانية مع أسرتها في سبتمبر 2021. ونرى أن احتجاز طاهري، مثل احتجاز العديد من اللاجئين الأفغان الآخرين في مدينة الإمارات الإنسانية، هو تعسفي.
ونؤكد أيضاً أن كلا من الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة مسؤولان عن احتجازها مع أسرتها. إن حرمان طاهري من الحرية ليس له أي أساس قانوني بموجب القانون الأمريكي أو الإماراتي. وكانت المسؤولية عن نقلهم واحتجازهم، ولا تزال، تقع على عاتق كيانات خاصة أمريكية وفرع غير قضائي لحكومة الإمارات العربية المتحدة، دون تدخل من قاض أو سلطة قضائية أخرى. ولم يخضع احتجازهم لمراجعات قضائية تلقائية أو منتظمة لضمان التزامه بمعايير الضرورة أو التناسب أو الشرعية.
علاوة على ذلك، يبدو أن الطاهري لن يتم إطلاق سراحها حتى تنتهي الولايات المتحدة من معالجة قضيتها، وبالتالي إخضاعها لفترة طويلة وغير محددة من الاعتقال الإداري. ويجب التذكير بأن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تشترط أن يكون الاعتقال الإداري مؤقتاً، بحيث يقتصر بشكل صارم على فترة "قصيرة" ويستمر لأقصر فترة زمنية ممكنة.
ومن خلال تقديم هذا الطلب للحصول على رأي، ندعو كلاً من دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة مشكلة اللاجئين الأفغان. ظروف الاحتجاز وضمان حصول جميع الأفراد في مدينة الإمارات الإنسانية على الرعاية الطبية والنفسية المناسبة. علاوة على ذلك، ندعوهم إلى مراجعة احتجاز الأفراد، بما في ذلك الطاهري، لتصحيح وضعهم من خلال إطلاق سراحهم فوراً والسماح لهم بطلب اللجوء وإعادة التوطين في الولايات المتحدة و/أو كندا، وذلك كما وعدوا.